تربية الأولاد على الصلاة
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أيها الأب الكريم؛
أيتها الأم الحنون؛
أيها المربي الفاضل:
إنّ أولادنا أمانة عندنا، وهبها الله تعالى لنا، وكم نتمنى جميعاً
أن يكونوا صالحين، وأن يوفقهم الله في حياتهم الدينية والدنيوية.
تذكَّر قول النبي صلى الله عليه سلم :
" كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " رواه البخاري (893) ومسلم (1829).
وأولادنا سوف نُسأل عنهم.
وتذكّر دعاء المؤمن:
( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ).
وفي أسلوب معاملة أولادنا يُرْوَى عن النبي صلى الله عليه سلم :
" لأن يؤدّب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع " رواه أحمد (20394) والترمذيّ (1951).
والقول المأثور:
" لاعبوا أولادكم سبعاً، وأدّبوهم سبعاً وصاحبوهم سبعاً ".
ولنعلم أن أولادنا في حاجةٍ لأمور كثيرة، فهم في حاجة للحبّ
وفي حاجة للتقدير وللحرية وللنجاح.
أيها الأب الكريم؛ أيتها الأم الحنون:
أنتم النماذج لأولادكم، وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه سلم " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له " رواه الترمذي (1376) وقال حسن صحيح، والنسائي (3651).
فليكن هدفنا أن نجعل من أولادنا أفراداً صالحين.
وتذكّروا قول النبي صلى الله عليه سلم " إذا أراد الله عزّ وجل بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق " رواه أحمد (23906).
ومما لاشك فيه أنَّ تربية الابن على الصلاة فريضة شرعية
لإعداد الفرد الصالح والأسرة الصالحة والمجتمع الصالح
الذي يطلق عليه القران الكريم (الأمة الوسط)
والتي حمّلَها ربُّ العالمين مسئولية
إقامة الحياة على منهاجه وشريعته، لتكون نظاماً حياتياً شاملاً.
كيف نربي أولادنا على الصلاة؟
قال تعالى: ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها )
أيها الأب، أيتها الأم:
نعلم جميعاً مكانة الصلاة في الإسلام،
فمن قول النبي صلى الله عليه سلم :
"... وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ "
رواه أحمد (11884) والنسائي (3939)
يتبيّنُ لنا أن رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة،
ووصية النبي صلى الله عليه سلم عند الوفاة،
وهي وصية للأمة كلها: " الصلاةَ الصلاةَ وما ملكت أيمانكم "
رواه أحمد (25944) وابن ماجة (1625).
لذلك يجب أن نعلم أن تعويد الطفل على الصلاة هدف
حيوي في التربية الإيمانية للطفل.
وتذكَّر بأن الطفولة ليست مرحلة تكليف،
وإنما هي مرحلة إعداد وتدريب وتعويد
وصولاً إلى مرحلة التكليف عند البلوغ
فيسهل على الطفل أداء الواجبات والفرائض.
مراحل الصلاة
أولاً: مرحلة تشجيع الطفل على الوقوف في الصلاة:
ففي بداية وعي الطفل يطلب منه الوالدان الوقوف بجوارهما في الصلاة،
رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه سلم أنه قال:
" إذا عرف الغلام يمينه عن شماله فمروه بالصلاة ".
ولنعلم جميعاً أن الأبناء في بداية طفولتهم قد يمرُّوا أمام المصلين
ويجلسوا أمامهم وقد يبكون، فلا حرج على الوالد أو الوالدة في
حمل طفلهم في الصلاة حال الخوف عليه، خاصّة إذا لم يكن
بالبيت من يلاعبه، وليتذكّر الآباء أن صلاة الجماعة بالمسجد
هي الأفضل،
ومع ذلك فقد طالبنا الرسول صلى الله عليه سلم بأداء النوافل
والمستحبات في المنزل،
فقد قال صلى الله عليه سلم :
" إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً "
رواه أحمد (13986) ومسلم (778) وفي رواية:
" اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً )
رواه البخاري (432) ومسلم (888)
فحينما يرى الطفل والده ووالدته يصليان فإنه سوف يقلدهم.
ثانياً: أبناء مرحلة ما قبل السابعة:
وهي مرحلة الإعداد للصلاة، وتشمل:
- تعليم الطفل بعض أحكام الطهارة البسيطة في أهمية التحرُّز من النجاسة
والاستنجاء وآداب قضاء الحاجة
- وضرورة المحافظة على نظافة جسمه وملابسه مع شرح علاقة الطهارة بالصلاة.
- تعليم الطفل الفاتحة وبعض قصار السور استعداداً للصلاة.
- تعليمه الوضوء وتدريبه على ذلك عمليّاً كما كان الصحابة رضوان الله عليهم
يفعلون مع أبنائهم.
- وقبيل السابعة نبدأ بتعليمه الصلاة وتشجيعه على أن يصلي فرضاً
أو أكثر يومياً مثل صلاة الصبح قبل الذهاب إلى الروضة أو إلى المدرسة
ولا نطالبه بالفرائض الخمس جملة واحدة قبل سن السابعة.
- وتذكّر أيضاً أهمية اصطحاب الطفل إلى صلاة الجمعة بعد أن تعلّمه آداب المسجد فيعتاد الطفل على إقامة هذه الشعائر ويشعر ببداية دخوله المجتمع واندماجه فيه.
ثالثاً: مرحلة ما بين السابعة إلى العاشرة:
ففي الحديث
" مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم
عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع "
رواه أبو داود (494) واللفظ له، والترمذي (407) والدارمي (1431).
فيجب أن نعلّم الطفل هذا الحديث حتى يعرف أنه
قد بدأ مرحلة المواظبة على الصلاة،
ولهذا ينصح بعض المربين أن يكون يوم بلوغ الطفل السابعة
حدثاً متميزاً في حياته،
وقد خصّص النبي صلى الله عليه سلم ثلاث سنوات متواصلة
لتأصيل أمر الصلاة في نفوس الأبناء،
وتكرّر طلب الصلاة من الطفل باللين والرفق والحب,