طالوت وجالوت
ورد ذكر القصة في سورة البقرة . ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوماً . سألوه : ألسنا مظلومين ؟ قال : بلى . قالوا : ألسنا مشردين ؟ قال : بلى . قالوا: ابعث لنا ملكاً يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا . قال نبيهم وكان أعلم بهم : هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال ؟ قالوا : ولماذا لا نقاتل في سبيل الله ، وقد طردنا من ديارنا ، وتشرد أبناؤنا ، وساء حالنا ؟ قال نبيهم : إن الله اختار لكم طالوت ملكاً عليكم . قالوا ً: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك ، أبناء يهوذا ، كما أنه ليس غنياً وفينا من هو أغنى منه ؟ قال نبيهم : إن الله اختاره ، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه . قالوا : ما هي آية ملكه ؟ قال لهم نبيهم : سيرجع لكم التابوت تجمله الملائكة
ووقعت هذه المعجزة ، وعادت إليهم التوراة يوماً ، ثم تجهز جيش طالوت ، وسار الجيش طويلاً حتى أحس الجنود بالعطش . قال الملك طالوت لجنوده : سنصادف نهراً في الطريق ، فمن شرب منه فليخرج من الجيش ، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش . وجاء النهر فشرب معظم الجنود ، وخرجوا من الجيش ، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصيه ، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش ، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة . لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً ، لكن جميعهم من الشجعان
كان عدد أفراد جيش طالوت قليلاً ، وكان جيش العدو كبيراً وقوياً . فشعر بعض ، هؤلاء الصفوة ، أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا : كيف نهزم هذا الجيش الجبار ؟ قال المؤمنون من جيش طالوت : النصر ليس بالعدة والعتاد ، إنما النصر من عند الله (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ) فثبّتوهم . وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه ، وهو يطلب أحداً يبارزه . وخاف منه جنود طالوت جميعاً . وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود . كان داود مؤمناً بالله ، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون ، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح ، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل
وكان الملك ، قد قال : من يقتل جالوت يصير قائداً على الجيش ويتزوج ابنتي . ولم يكن داود يهتم كثيراً لهذا الإغراء . كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله . وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت . وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة) . تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع . وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه ، ووضع داود حجراً قوياً في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر . فأصاب جالوت فقتله . وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت . بعد فترة أصبح داود عليه السلم ملكاً لبني إسرائيل ، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى . وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرة قلبه ، وحاول قتله ، وتستمر الروايات في نسج مثل هذه الأمور . لكننا لا نود الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها