علامات الترقيم..
هل علامات الترقيم ضرورية لفهم النص المكتوب على الوجه الأكمل؟، أم إنها مجرد عامل مساعد لزيادة النص المكتوب إيضاحا وتمكينا في ذهن القارئ؟، وهي تصبح بذلك رهن اختيار الكاتب في استخدامها، أو الإعراض عنها وتجاهلها.
الحقيقة أن علامات الترقيم مهمة جدا في فهم النص المكتوب .
علامات الترقيم وطرق استعمالها :
1- ( . ) النقطة ، توضع في نهاية الجملة التامة المعنى، المستوفية كل مكملاتها اللفظية، وكذلك توضع عند انتهاء الكلام وانقضائه.
مثال: رب سامع خبري، لم يسمع عذري. ورب ملوم لا ذنب له، ولعل له عذرا وأنت تلوم.
2- ( ، ) الفاصلة، وتوضع بعد لفظ المنادى، وبين الجملتين المرتبطتين بالمعنى والإعراب، وهي علامة الوقف على الجملة القصيرة. وتدل على التمهل أو التفاوت في درجة الصوت. وبذلك تساعد على نقل المعنى بوضوح أكثر للسامع.
ومثاله:
أ- بين الجمل المعطوفة:
....للمسجد النبوي في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، صحن سوره من اللبن، وأساسه من الحجارة، ولم يكن لرحبته سقف..
ومن استعمالاتها الشائعة:
ب- بين المعطوفات من مفردات ( أسماء أو أشباه جمل تفيد التقسيم أو التنويع): ومثاله:
....الجهات الأصلية أربع ، هي: الشمال، والجنوب، والشرق، والغرب.
ج- بين الجمل الصغرى: ومثاله:
" ... نبأ الناظر، وجفا الحاجب، وذهبت العين، وفقدت الراحة، وصلد الزند..."
د- بعد حرف الجواب في أول الجملة: ( نعم، لا، بلى، كلا ...):
ومثاله:
....نعم ، إني أعرف طريقي إلى الجامعة.
هـ- بعد المنادى المتصل: ومثاله:
....يا عمرو، إن موعد السفر قد حان.
و- بين لفظ البدل والمبدل منه: ومثاله :
....دخل المأمون يوما بيت الديوان فرأى غلاما على أذنه قلم؛ فقال له: "من أنت يا غلام"؟ قال: أنا الناشئ في دولتك، والمؤمل نعمتك، الحسن بن رجاء".
3- " " علامة التنصيص، يلزم استخدام علامة التنصيص في المواضع الآتية:
أ?- عند اقتباس نص بلفظه ليس من كلام الكاتب حتى يميز القارئ بين كلام الكاتب وكلام غيره:
....اعترف العلماء والفلاسفة والمؤرخون في العالم بفضل العرب، ويقول ( جوستاف لوبون ):
"كانت كتب العرب المرجع الوحيد لعلوم الطبيعة والكيمياء والفلك في أوربا مدة تزيد على خمسة قرون.."
ب?- عند ذكر عناوين كتب أو مقالات أو أبحاث: مثال:
....يؤكد ( شتراوس ) في بحوثه " اضطراب التعليم عند الطفل المصاب في مخه " وجود معوقات في الإدراك الحسي واللغة والفهم والسلوك.
ج?- عند الحديث عن لفظة ومناقشة معانيها واستخدامها، وليس في سياق الكلمة: مثال:
....انتهت هذه الدراسة إلى أن " إن " وردت في القرآن الكريم أكثر مما وردت " إذا " وذلك ما يفهم من قول الأقدمين..
4- علامة الحصر : ( ) وهي قوسان هلالان ، وأحيانا معقوفان.
...فأما القوسان الهلالان فلهما استخدامات عدة يوضع بينهما كل عبارة يراد حصرها ، أو تحديد معنى عام سابق عليها، أو شرح لمعنى غامض ، أو تمثيل لمجمل، أو إشارة إلى موضع في وسط الكلام ولفت النظر إليه، أو عبارة يراد الاحتراس لها، أو إضافات، أو سقط في نص تحقيق، وإليك تفصيل هذا كله:
أ?- حصر معنى عام سابق عليها أو تحديده: مثال:
....ربما يتبادر إلى الذهن في تعريف ( سابير ) للغة بأنها نبرات صوتية ( تصدرها أعضاء النطق )؛ أي أن هناك أعضاء خلقت بطبيعتها للنطق.
....الكاتب يبين أهمية لفظة، ولا يريد أن يجعلها محددة؛ لأنها عامة، ولا يريد أن يجعل هذه العبارة الزائدة جزءا أساسا في صياغة الفكرة وتسلسلها، بل يريد حصر انتباه القارئ في طبيعة النبرات الصوتية، وأنها غير غريزية ومكتسبة.
ب?- شرح معنى غامض سابق عليها: ومثاله:
" .... ولكن حدث في القرن الرابع الميلادي، أن حقق اليونانيون وحدة لغوية، اختاروا لها أفصح اللغات، وهي لغة أيونا ( الساحل الغربي لآسيا الصغرى) ".
التعليق : بعض القراء قد لايعرفون لفظة ( أيونا ) فحددها الكاتب بوضع الهلالين حولها.
ج?- تمثيل لمجمل سابق عليها، وقد ينسحب ذلك على الجملة المعترضة أيضا ، كما سيأتي:
مثال:
....من المميزات العامة للغات السامية ( العربية والعبرية مثلا) وجود الجملة الاسمية؛ أي التي تقوم على مبتدأ وخبر دون رابطة بينهما.
د?- الإشارة إلى مرجع في وسط الكلام، ولفت النظر إليه:
مثال:
....سبق أن تحثنا عن مقومات الفقرة السليمة (ارجع إلى الفصل الرابع من هذا الكتاب).
هـ- العبارة التي يراد الاحتراس لها:
ولست بذاخر أبدا طعاما ........ ( حذار غد) لكل غد طعام
التعليق:
....الشاعر ههنا يريد الاحتراس بعبارة ( حذار غد) فهو لا يريد أن يدخر طعاما خوفا لما يأتي به الغد ، إنما يريد أن يعيش يومه، أما غده فأمره إلى الله.
وأما القوسان المعقوفان:
....فيستخدمان لاحتواء الإضافات والسقط في نص يحقق. وهنا يستخدم القوسان المعقوفان، كما تقتضي بذلك اصطلاحات اللغة العربية في تمييز الإضافات أو السقط.
5- علامة الحذف(...):
....وهي ثلاث نقط متتالية على السطر ، ترسم هكذا(...) وتستخدم في الموضاعات الآتية:
أ?- الاقتصار على ذكر المهم: ومثاله:
....ويقول الدكتور محمد مندور: " إنني لا أعدل بكتاب ( دلائل الإعجاز) كتابا آخر ... فالدلائل يشتمل على نظرية في اللغة وتطبيق النظرية...".
التعليق:
....هذا اقتباس لرأي الأساتذة حول قيمة ( دلائل الإعجاز) للعلامة عبد القاهر الجرجاني.
فكلام الدكتور محمد مندور الحقيقي: " إنني لا أعدل بكتاب ( دلائل الإعجاز كتابا آخر . وأما ( أسرار البلاغة ) فمرتبته في نظري دون ( الدلائل) بكثير ..."
....فلما كان موضوع الحديث الكتاب الأول فقد حذف الكاتب من المقتبس ما لا يدل عليه ووضع علامة الحذف.
ب?- للدلالة على أن للمذكور بقية: ومثاله:
معظم الأفعال في اللغة العربية تتكون من ثلاثة أحرف أصلية، مثل: ضرب ، شرب ، قرأ ...
ج- دلالة على استقباح ذكر المحذوف:
....وأمثلته كثيرة في كتب التراث ، والأدب وغيرها ...
د- للدلالة على نص لم يعثر الناقل عليه:
....ونجد ذلك في بعض الكتب المحققة ، أو دواوين الشعراء.
6- الشرطة (-):
وتوضع:
أ?- للدلالة على حصر الجملة المعترضة:
ومثاله:
....مقومات البناء الداخلي للفقرة -كما سبق أن ذكرنا- هي أن تكون محددة ومترابطة، ومتوازنة، ومتسلسلة.
ب?- للدلالة على الشرح:
....ويقال فيها ما يقال في القوسين للدلالة على تمثيل لمجمل سابق.
ج?- للدلالة على الإضافة:
ومثاله:
....فلما سار عبد الملك إلى خراسان ، استخلف على مدينة ( واسط) -وكانت يومئذ عاصمة العراق- الجراح، وهذا دليل على كفايته المتميزة.
د - للعوض عن تكرار أسماء المتحاورين:
مثل:
قال علي لوالده: أريد أن أذهب إلى الحج.
- ألديك القدرة على ذلك من صحة ومال؟
- نعم.
- إذا، سر على بركة الله.
هـ- بعد العدد الترتيبي: مثل: بدأت جامعة الملك سعود بأربع كليات هي:
1- كلية الآداب، وفيها أقسام:
- الأدب العربي.
- الأدب الإنجليزي.
- الأدب الفرنسي.
7- علامة المتابعة (=):
....هي شرطتان متوازيتان توضعان في نهاية الجزء الأول من الحاشية ، وبداية الجزء الثاني منها في الصفحة المقابلة ، أو التي تليها. وترسم هكذا: =
8- الفاصلة المنقوطة (؛):
....وتستخدم للشرح أو التفصيل. وتدل على وقفة قصيرة كافية كما يتضح من تسميتها؛ فهي ليست بالنقطة الكاملة، وليست بالفاصلة المهملة. وفي الأمثلة الآتية تفصيل لموضاعات استخدامها:
أ?- بين جملتين بينهما علاقة في المعنى:
مثال:
....استأذن رجل المأمون في تقبيل يده؛ فقال له: إن قبلة اليد من المسلم ذلة ، ومن الذمي خديعة؛ ولا حاجة بك أن تذل، ولا بنا أن نخدع".
ومثال آخر:
....قال فتى سأله عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- : ما بلغ بك ما أرى؟
قال: " ذقت يوما حلاوة الدنيا فوجدتها مرة عواقبها ؛ فاستوى عندي حجرها وذهبها ".
ب?- بين جملتين بينهما مشاركة في المعنى:
مثال:
....كان الناس قديما يرتبطون ارتباطا وثيقا في قراهم؛ التي فيها ولدوا، وفيها عاشوا، وعلى أرضها ماتوا.
ج- بين جملتين تربطهما علاقة سببية ؛ فتكون ما قبلها سببا لما بعدها: مثال:
....حفظ الولد درسه؛ فنجح.
9-النقطتان المتوازيتان( : ):
ويستخدمان في المواضع الآتية:
أ?- يلفتان الانتباه إلى أن تفسيرا وتجزيئا سيأتي بعد أمر مجمل:
مثال:
....لقد جعلنا هذا الكتاب في عشرة فصول : الأول يتناول العلاقة بين الفكر واللغة ، والثاني يتناول اللفظة ، والثالث يعالج الجملة ..."
ب?- يلفتان الانتباه أيضا إلى الكلام المنقول بحرفه ، أو المحكي بمعناه، مثال ذلك بحرفه :• قال تعالى : { وجعلنا من الماء كل شيء حي }.
• سأل الرجل الشرطي: أي الطرق يؤدي إلى مكة المكرمة؟
ومثال المحكي بمعناه:
• سمعت إمام المسجد يحث بما معناه:
إن الناس مجزون بأعمالهم : إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.
التعليق : نلاحظ أن النقطتين المتوازيتين قد نبهتا القارئ للوهلة الأولى، أن ما بعدهما هو تفصيل لما يجيء مجملا قبلهلما. وبذلك وفرتا عليه الجهد الذهني الذي كان سيصرفه في متابعة الفكرة.
10- علامة الاستفهام (؟):
توضع للدلالة على السؤال والتساؤل: مثال:
- كيف حالك؟
- أنت خائف ؟
- أنا ؟ ومم أخاف؟
11- علامة التعجب ( ! ):
تدل على التعجب من أمر أو شيء، وتأتي في الأحوال الآتية:
أ- بعد صيغة التعجب القياسية في اللغة العربية ( ما أفعل ). كقولنا ك
- ما أجمل الربيع !
- ما أكثر ما استذكر محمد دروسه!
ب- بعد صيغ التعجب السماعية :وهي كثيرة ، منها:
- لله دره شاعرا!
- إلهي، كم هذا رائع!
- أي فرس أصيلة حرون!
- ويحك!
....وتوضع في هذه المواضع لتؤكد شعور الكاتب بالتعجب والدهشة..
ج- قد يتعجب الإنسان من فكرة دون أن يصوغها في صورة تعجب:
وهنا يعمد الكاتب إليها لينقل تعجبه من الفكرة:
مثال:
....تمكن العلماء من تصميم موقد يعمل بالأشعة السينية، إذا وضعت يدك عليه لا تشعر بالحرارة، وإذا وضعت عليه إناء يسخن!
د- بعد مواقف الانفعال المؤثرة ؛ ومنها: الرهبة، والدهشة، والرغبة، والمدح، والذم.. مثال:
- يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون!
- حبذا الكريم! وبئس اللئيم!
- ربنا وتقبل دعاء!
- اللهم أغثناّ!
- بلغ السيل الزبا!
- أف لكما ولما تعبدون!
- وتأتي بعد الاستفهام الاستنكاري: أغير الله تدعون!
....والآن لاشك أننا اقتنعنا بوظيفة علامات الترقيم في الكتابة؛ فهي ليست زينة ولا زخرفة، بل ضرورة في إيصال ما يريده الكاتب إلى قارئه دون لبس، ولا غموض ولا اضطراب، ويهمنا هنا أن نؤكدعلى مسألتين على جانب من الأهمية:
الأولى : أن يتدرب الإنسان على استخدامها منذ فترة مبكرة في حياته العلمية حتى تصبح طبيعة مكتسبة لديه.
الثانية : أن يكون الكاتب منسقا في استخدامها حسب القواعد التي تعلمها.
لو أن الكاتب أهمل علامات الترقيم وتجاهلها، من الخاسر؟ أهو الكاتب أم القارئ؟
والجواب، لاشك أنه الكاتب؛ ذلك لأن الكاتب يعنيه أن يكسب القارئ لا أن يصرفه عنه. والقارئ يريد أفكارا واضحة غير مضطربة. ولقد رأينا كيف تساعد علامات الترقيم على تحقيق هذا الهدف.
منقووووووووووووووول
[center][b]