هلْ طـَرقتَ البَابْ .. ؟ هل آلمتـك الأيام .. ؟؟ هل سُــدت الأبواب في وجهك .. ؟؟ هل أظلمت الدنيا في عينيك .. ؟ هل تعثرت خطواتك .. ؟ هل عانيت من اقرب الناس إليك .. من أخوانك .. من أقاربك .. ؟
هل أصابك الجمود .. ؟ هل يئست من الوجود .. ؟ إذا أصابك كل هذا او بعضه فأطرق الباب .. أطرق باب الذي لا يرد آملا ً في رحمته.. اطرق الباب فسوف تجد الجواب ؟
اطرقه مرة أخرى واشحذ همتك فسوف يفتح الباب لا محالة.. أطرق الباب فإن ما بعد الليل البهيم إلا فجرٌ جديـــــد وصباح ٌ تتنفس فيه الرضا والسعادة ..
اطرقه ولا تيأس .. وحاول وكرر الطرق .. اطرق الباب وقل : ' يا الـــــــــلــــــــــــــه ' أظهر له عجزك .. افتقارك .. ناجيه .. توسل إليه .. ابكي وتضرع اليه ودع الصدر يهتز كالمرجل فسوف يفتح الباب ..
أطرقه فإنه الرحيم الذي هو أرحم من الأم على رضيعها .. وهل تظن ان الأم لاترعى رضيعها ؟ اطرق الباب فقد قال وقوله الحق ' ادعوني استجب لكم ' .
أطرق الباب كما طرقه نوح عليه السلام فقال ** فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ } فجاءه النصر في حينه ** فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ }.
أطرق الباب كما طرقه موسى عليه السلام عندما ضاقت به الحال فى ' مدين ' ** فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } القصص فرزقه الله الزوجة والعمل والأمان
أطرق الباب كما طرقه موسى عليه السلام عندما داهمه فرعون عند البحر فقال ** قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } فأنشق له البحر( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) الشعراء
أطرق الباب كما طرقه يعقوب عليه السلام عندما فقد يوسف فقال ** فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } يوسف فرد الله له ولديه يوسف وبنيامين
أطرق الباب كما طرقه أيوب عليه السلام {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }
فأتى الجواب :{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ } الأنبياء
اطرق الباب كما طرقه ذا النون عليه السلام وهو في ظلمة أليل وقاع البحر وبطن الحوت فقال :** فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }
فكان الجواب مباشرا من الله ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ) الأنبياء
أطرق الباب كما طرقه زكريا عليه السلام وناداه {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً } وقال {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً } مريم
وقال {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ } فرزقه الله يحيا عليه السلام .
اطرق الباب وادعوه وادعوه وادعوه فليس بينك وبينه حجاب .. وسوف يفتح الباب وتجد الجواب ..
قال ابن رجب : رحمه الله : ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب واليُسر بالعسر : أنَّ الكربَ إذا اشتدَّ وعَظُمَ وتناهى ، وحصل للعبد الإياسُ من كَشفه من جهة المخلوقين ، وتعلق قلبُه بالله وحده ، وهذا هو حقيقةُ التوكُّل على الله ، وهو من أعظم الأسباب التي تُطلَبُ بها الحوائجُ ، فإنَّ الله يكفي من توكَّل عليه ، كما قال تعالى : ** وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }
المرجع / جامع العلوم والحكم لابن رجب
[center][b]